تأثير التيك توك والريلز على عقول الأطفال والمراهقين… وماذا يمكن أن نفعل؟

التيك توك

تأثير التيك توك والريلز على عقول الأطفال والمراهقين… وماذا يمكن أن نفعل؟

في السنوات الأخيرة، انتشرت تطبيقات الفيديوهات القصيرة مثل التيك توك (TikTok) وريلز إنستجرام (Instagram Reels) بشكل واسع، حتى أصبحت جزءًا لا يتجزأ من يوميات الأطفال والمراهقين.

ورغم أنها تعتبر وسيلة ترفيه ممتعة، إلا أن تأثير التيك توك العميق على عقول الشباب لا يمكن تجاهله، خاصة مع تزايد الوقت الذي يقضونه أمام هذه المنصات. لذا، من المهم أن نناقش هذا التأثير، ونفهم أسبابه، ونتعرف على حلول واقعية تساعد الأهل والمربين في التعامل معه.

التيك توك

أولًا: كيف تؤثر هذه الفيديوهات على التركيز والانتباه؟

من الواضح أن الفيديوهات القصيرة تعرض بسرعة، وغالبًا ما تكون مدتها لا تتجاوز 60 ثانية، مما يجعل الطفل ينتقل من محتوى لآخر دون تفكير أو تركيز. وبالتالي، يبدأ دماغه في التعود على “الاستقبال السريع”، ويصعب عليه بعد فترة الاستمرار في متابعة محتوى طويل أو قراءة كتاب أو حتى مشاهدة فيلم كامل.

علاوة على ذلك، أظهرت بعض الدراسات الحديثة أن الاستهلاك المفرط لمحتوى سريع ومتكرر يؤدي إلى تشتت الانتباه، وصعوبة في معالجة المعلومات، وانخفاض في قدرات التركيز طويلة المدى، خاصة عند الأطفال الذين لا تزال أدمغتهم في طور النمو.

ثانيًا: تأثيرات سلوكية ونفسية خطيرة

بالإضافة إلى تشتت التركيز، تؤثر هذه المنصات أيضًا على السلوكيات والقيم. فعلى سبيل المثال، هناك تحديات ومقاطع تنتشر بسرعة وتُظهر سلوكيات قد تكون خطيرة أو غير مناسبة، ويقلّدها الأطفال بهدف الحصول على الإعجاب والمتابعة.

ليس هذا فقط، بل تؤدي هذه المقاطع أحيانًا إلى المقارنة السلبية، حيث يبدأ الطفل أو المراهق في مقارنة نفسه بالمؤثرين والمشاهير، مما يسبب له شعورًا بالنقص أو عدم الرضا عن الذات. ومن هنا، يمكن أن يبدأ القلق الاجتماعي، وانخفاض احترام الذات، وحتى الاكتئاب في بعض الحالات.

ثالثًا: الإدمان الإلكتروني… حقيقة واقعة

ومع كل هذه التأثيرات، لا يمكن تجاهل حقيقة أن هذه الفيديوهات مصممة بطريقة تجعل الطفل أو المراهق مدمنًا عليها. إذ تعمل الخوارزميات على عرض محتوى مشابه لما يشاهده المستخدم، مما يُبقيه في دائرة مستمرة من التسلية. ونتيجة لذلك، يقضي الأطفال ساعات طويلة دون وعي، على حساب النوم، والواجبات الدراسية، والتفاعل الأسري.

رابعًا: ماذا يمكن أن نفعل كأهل ومربين؟

لحسن الحظ، لا يعني هذا أننا بحاجة لمنع هذه المنصات بالكامل، بل المطلوب هو التوجيه، والمراقبة الذكية، وتوفير البدائل. وفيما يلي بعض الخطوات العملية:

1. تحديد وقت استخدام محدد يوميًا

من الأفضل وضع قواعد واضحة لاستخدام التطبيقات، مثل ساعة واحدة يوميًا، مع شرح السبب للطفل بطريقة هادئة ومقنعة.

2. مشاركة الطفل في مشاهدة المحتوى

بدلًا من أن تكون هذه العوالم مغلقة على الطفل فقط، يمكن للوالدين المشاركة أحيانًا، والتعليق على المحتوى، وفتح حوار بنّاء حول ما هو مناسب وما هو غير ذلك.

3. تشجيع الأنشطة البديلة

من الضروري تقديم بدائل حقيقية مثل الأنشطة الفنية، الرياضة، القراءة، أو حتى الرحلات القصيرة. فكلما زادت خيارات الطفل الممتعة، قلّ تعلقه بالعالم الرقمي.

4. التوعية المستمرة

يجب أن نشرح لأبنائنا كيف تعمل هذه المنصات، ولماذا يعرض لهم محتوى معين، وكيف يحافظون على خصوصيتهم وأمانهم الشخصي أثناء التصفح.

من المؤكد أن التيك توك والريلز أصبحا جزءًا من واقع الأطفال والمراهقين اليوم، ولكن من خلال الوعي، والمشاركة، والحدود الذكية، يمكن تحويل هذه المنصات من مصدر خطر إلى وسيلة تعليمية وترفيهية معتدلة وآمنة.

المفتاح هنا ليس المنع، بل التوازن والاحتواء، لأن العقول الصغيرة لا تحتاج فقط إلى الرقابة… بل تحتاج إلى الحوار، والفهم، والقدوة.

شارك هذا الموضوع


اكتشاف المزيد من معاصرون اكاديمي

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اكتشاف المزيد من معاصرون اكاديمي

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading